نشأة الإذاعة :- أنشئت الإذاعة السودانية في أول أبريل 1940م إبان الحرب العالمية الثانية من المال المخصص للدعاية للحلفاء في حربهم مع دول المحور واختيرت لها غرفة صغيرة بمباني البوستة القديمة بأم درمان وقد وزعت مكبرات الصوت في بعض ساحات ام درمان الكبيرة لتمكن أكبر عدد من المواطنين بمدينة ام درمان من الاستماع إلى الإذاعة التي كانت تبث نصف ساعة يومياً. بعد أن وضعت الحرب أوزارها أوقف الحلفاء الميزانية التي كانت تخصصه للدعاية وكادت أن تتوقف الإذاعة وهنا تدخل مستر (ايفانس) وحصل على تصديق ميزانية الإذاعة من السلطات الاستعمارية في البلاد وبذلك أصبحت ميزانيتها تابعة لاول مرة لحكومة السودان حتى تكون بوقاً للاستعمار وحرباً على الاتجاهات الوطنية الناشئة في ذلك الحين والداعية إلى التحرر وحق تقرير المصير وظل الحال هكذا إلى آن وقعت اتفاقية القاهرة في 13 فبراير 1953م والتي نال السودان استقلاله بمقتضاها فيما بعد.
شكل البرنامج كانت الإذاعة في بداية عهدها ترسل لمدة نصف ساعة يومياً من الساعة السادسة مساء إلى السادسة والنصف مساء وكانت تقدم خلال نصف الساعة هذه تلاوة من القرآن الكريم ونشرة خاصة بالحرب واغنية سودانية بواسطة مكبرات الصوت لجمهور الذي كان يقف أمام مبنى البوستة بأم درمان.
أول مذيع :- في عام 1940م عين أول مذيع رسمي ليشرف على برنامج لا يتجاوز الخمسين دقيقة يقدم ثلاث مرات في الأسبوع وبرنامج إضافي لمدة ربع ساعة يقدم في بقية أيام الأسبوع وهو الأستاذ (عبيد عبد النور) وذلك بعد أن كان يتولى العمل في الإذاعة عدد من المتطوعين ولكن لفتت إذاعة (هنا ام درمان) انتباه المواطنين إليها في هذه الفترة وقد وزعت الراديو هات في الأماكن العامة.
الإذاعة القديمة :- وفى سنة 1942م انتقلت الإذاعة من مبنى بوستة أم درمان القديمة إلى منزل بالإيجار بأم درمان غرب مدرسة الدايات بأم درمان وبدأت تذيع على موجة متوسطة هي 524 متراً وتوسع البرنامج بعد ذلك إلى ساعة كاملة يومياً.. ثم ادخل البرنامج الإنجليزي وبرنامج آخر خاص بالقوات المحاربة وكانت كلها برامج موجهة لخدمة أهداف تخص الاستعمار الجاثم على صدر الآمة السودانية آنذاك ويلاحظ آن الدوبيت قد ادخل ضمن مواد الإذاعة في هذه المرحلة للحديث عن الحرب وفى 1943م أدخلت الموجة القصيرة 31 متراً على الإرسال الإذاعي.
الإذاعة الوطنية :- وهكذا أخذت الإذاعة تقدم خطوة حسب ما أتيح لها من إمكانيات حتى كان شهر مارس 1954م حين تربعت على كرسى الحكم أول حكومة وطنية فبدأت تعمل من اجل السودان وحده جملة وتفصيلاً وأخذت تؤدى رسالتها الهامة في ذلك الحين من اجل تثبيت أركان الاستقلال والصمود بقوة أمام العواصف التي كآنت تثار حوله وكان موقف الإذاعة من ابرز العوامل آلتي آدت إلى صيانة حق السودان في حريته وعزته وكرامته.
[عدل] التسجيل على الاسطوانات :-
لابد لنا هنا أن نشير إلى انه عندما بدأت الاذاعة لاول مرة لم تكن هناك تسجيلات بل كانت كل المواد تنقل رأساً على المايكرفون وفى عام 1949م ادخل لاول مرة نظام التسجيل على الاسطوانات واستفيد منه في تسجيل الاغانى في أول الامر ثم الاحاديث والتمثيليات والبرامج. التسجيل على الشريط :- واستمر الحال هكذا إلى أن شيدت استديوهات الاذاعة الحالية في عام 1957م فبدأ استخدام الشريط المغناطيسى لاول مرة. الاذاعات الخارجية :- وخرج المايكرفون من استديوهات الاذاعة لاول مرة في عام 1951م وكانت الاذاعات الخارجية في ذلك الحين مقصورة على اذاعة مباريات كرة القدم الامة من دار الرياضة بأم درمان وفى 1953م شرعت الاذاعة في نقل المناسبات القومية والسياسية إلى مستمعيها وفى عام 1954م انشئ جهاز إرسال جديد غير معالم الاذاعة تغييراً أساسياً إذ أصبحت تسمع في معظم أنحاء السودان والخارج بعد أن اضيفت موجة متوسطة وموجات قصيرة جديدة وانتقل المايكرفون للمرة الأولى خارج القطر في يوم 12 نوفمبر 1956م لينقل جلسة الأمم المتحدة والتي اعلن فيها انضمام السودان للأمم المتحدة كدولة مستقلة ومنذ ذلك التأريخ جاب المايكرفون جميع أنحاء السودان لتغطية المناسبات الداخلية كما تنقل خارج القطر لنقل مختلف المناسبات التي تهم البلاد.
[عدل] تقنيات إذاعية
لم تكن هناك في البداية تسجيلات ولكن كان النقل مباشراً على المايكرفون، وفي عام 1949 تم استخدام نظام التسجيل على الأسطوانات. تم بناء استديوهات الإذاعة الحالية في عام 1957 فبدأ استخدام الشريط المغناطيسي لاول مرة.
أول حفل غنائى: كانت أول حفلة غنائية تذاع من خارج العاصمة من مدينة عطبرة في ديسمبر 1958م.
[عدل] دخول الإذاعة عصر التقانة الرقمية
كانت التقنية السائدة هي التقنية التماثلية والتي تعتمد على أشرطة الريل بأحجام متفاوتة فمنها الذي طوله ساعة وآخر نصف ساعة ثم ثلث ساعة وأخيراً ربع ساعة.
وكان العاملون يعانون – رغم اعتيادهم عليها زمناً طويلاً – من الوقت المستغرق في عملية تركيب الشريط على جهاز التلعيب والوصول إلى مادة بعينها والزمن المستغرق في ارجاع الشريط للأول وهكذا. وكانت المعاناة الحقيقية تتمثل في عملية المعالجة (المونتاج).
دخلت التقنية الرقمية الاذاعة وبدأ العمل بها في العام 2000م باستجلاب الأجهزة الرقمية في شكل شبكة حاسوبية (شركة فرنسية تسمى Netia) حيث حضر اختصاصيون من قبل الشركة للإذاعة وقاموا بتركيب الأجهزة ثم تدريب بعض العاملين عليها وهم بدورهم قاموا بتدريب الآخرين وهكذا حتى استطاع معظم العاملين بالإنتاج البرامجي قادرين على التعامل مع هذه التقنية التي تميزت بالاتى:-
- سرعة الوصول إلى المادة المطلوبة في الوسيط التخزيني الرقمي.
- درجة نقاوة الصوت العالية.
- سرعة وسهولة المعالجة والمونتاج لأن التقنية الرقمية تمكنك من رؤية الإشارة الصوتية على شاشة الحاسوب وبالتالي تستطيع معرفة اين يمكن لك ان تقطع أو تضيف أو تعدل.
- العمر الافتراضي للوسائط الرقمية أكبر بكثير من الوسائط التماثلية.
- التقنية الرقمية مرتبطة بشبكة وبالتالي كل شخص له مهمة محددة ويعني اختصار الزمن والجهد. - ربط الأجهزة الرقمية مع بعضها سهل كثيراً التواصل مع الآخرين في استجلاب المعلومات سواء عن طريق الهاتف أو غيره.
- الرسائل الصوتية يمكن تسجيلها عن طريق الهاتف من قبل المراسلين وتظهر في الحال للمستخدمين داخل الاذاعة.
- قلة التكلفة.
- صغر الحيز المكاني للوسائط الرقمية (تسعى الآن الإذاعة لاستجلاب "دواليب من شأنها شغل حيز مكاني لا يقارن بما كانت عليه إبان الوسائط التماثلية" لحفظ المكتبة الصوتية التي ستتغير بالكامل إلى وسائط رقمية).
- الارتباط المباشر مع مصادر المعلومات والأخبار مما أتاح للعاملين قاعدة معلومات هائلة تعينه على الاعداد والإنتاج.فبدأت الإذاعة ما يعرف بمرحلة الشبكات في كل أشكال العمل الإذاعي.