جعفر عباس Jafar Abbas
اعتقد - وبرغم كل ما انا فيه من حزن مقيم لفقد الصديق الحميم محمد وردي الذي ابتدع عطرا يتسلل الى الجسم ويهدهد الروح عبر الأذن- اعتقد انني كنت محظوظا لأن علاقة صداقة ومودة قوية ربطت بيني و بينه وايضا المبدع الذي رحل مبكرا مصطفى سيد احمد.. عشت مع مصطفى سيد احمد اخصب سنوات عمره وهي ايضا تلك السنوات التي عانى فيها من الفشل الكلوي وسرطان الجلد في آن واحد، وكان هو الذي يهدهدنا ويطيب خواطرنا وكأنما نحن المرضى وهو المعافى .. كان وردي وقتها في "المنفى" في جدة حين كان مغضوبا عليه من الحكومة وارسل لي عشرة آلاف دولار، وضعناها في حساب خاص لنقل كلية لمصطفى بعد ان يتعافى من سرطان الجلد وقال لي بالحرف الواحد: حافظوا ع الولد الفلتة ده.. هل تعرفون ان وردي بكل اعتداده بنفسه الذي سماه البعض غرورا كان "كورس" في اغنية مصطفى سيد احمد "طفل العالم الثالث"؟
وولدت صداقتي بوردي في سجن كوبر وصرنا منذ يومها احبابا نلتقي في المنافي والخرطوم.. عشنا سويا نحو سنتين في لندن وبعد ان نقل كلية في الدوحة كان لديه حق الاقامة فكنت اراه في السنة 3 او 4 مرات.. والله لم اكن اجالسه لاستمع لغنائه بل لاستمتع بالونسة معه فقد كان رحمه الله صاحب دعابة ومر في حياته بتجارب ومقالب، وكان من كبار مفبركي نكات الحلفاويين/ البرابرة
لهذا ولان الموت حتم فانني اعتقد انني كنت محظوظا لأنني كنت ولسنوات طويلة من اقرب الناس الى قامتين شامختين في دنيا الغناء و الموسيقى مع الالتزام الصارم بقضايا الوطن وهموم المواطن
رحم الله الفقيدين