الفصل الأول
مفهوم الضرائب
خطة الفصل الأول
الفصل الأول: مفهوم الضرائب
مقدمة الفصل
المبحث الأول: ماهية الضرائب أنواعها وأهدافها
المطلب I : نشأة الضرائب
المطلب II: تعريف الضرائب ومبادئها
المطلب III: أنواع وخصائص الضرائب
المطلب IV: طرق تحصيل الضرائب وأهدافها
المبحث الثاني: النظام الضريبي
المطلب I : مفهوم النظام الضريبي
المطلب II: خصائص النظام الضريبي
المطلب III: أهداف النظام الضريبي
المطلب IV: أنواع أنظمة الإخضاع للنظام الضريبي
المبحث الثالث: الآثار الاقتصادية المباشرة للضرائب
المطلب I : آثار الضرائب على الاستهلاك والادخار
المطلب II: آثار الضرائب على الإنتاج
المطلب III: آثار الضرائب على توزيع الدخل
المطلب IV: آثار الضرائب على الأسعار
خلاصة الفصل الأول
مـقـــدمـــــــة:
تعتبر الضريبة من أقدم وأهم المصادر المالية للدولة نظرا لضخامة الأموال التي توفرها للخزينة العامة للدولة ، وقد تزايدت أهميتها بتزايد حصتها في هيكل الإيرادات العامة وكذا الدور الكبير الذي تلعبه في مجال تحقيق أهداف الدولة السياسية والمالية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية ومن ثم ضخامة آثارها على مختلف مستويات القطاع الإنتاجية والاستهلاكية والتوزيعية .
ومع التطور الذي عرفته الدولة من اقتصاد اشتراكي إلى اقتصاد السوق فقد احتلت الضريبة حيزا كبيرا من الدراسات المالية و الاقتصادية والاجتماعية ، حيث أصبحت موضوع اهتمام رجال الفكر المالي سعيا منهم لإيجاد حلول للأزمات المالية والاقتصادية كما أصبحت أداة من أدوات السياسة المالية للدولة التي تؤثر بشكل مباشر على اقتصاد الدولة ونظرا للأهمية التي تتصف بها الضريبة في مختلف المجالات الجبائية ولكثرة ما تثيره من مسائل تستحق الدراسة أصبح الحديث عن هذا الموضوع علما قائما في كل أقطار العالم والذي هو حديثنا في هذا الفصل ، حيث سنحاول الإلمام بجوانب عديدة تتعلق بها من بينها : التعريف بالضريبة ومبادئها مع ذكر أنواعها واستعراض خصائصها دون إغفال طرق تحصيلها وكذا أهدافها وآثارها الاقتصادية .
فما المقصود بالضريبة ؟ وما هي أهدافها وآثارها الاقتصادية ؟
المبحث الأول: ماهية الضريبة ، أنواعها وأهدافها .
إن تحقيق تنمية اقتصادية شاملة يعني أن هناك جملة من الوسائل والأدوات يجب استخدامها ولعل من أهمها الضريبة (الجباية ) والتي تعتبر الوسيلة المستعملة من طرف كل الدول مهما كان مستواها الاقتصادي .
إذ تستعمل الضريبة كوسيلة للتأثير على الواقع الاقتصادي، حيث تعمل جميع الدول على تكييف سياستها الضريبية من أجل تشجيع المستثمرين وتوجيه مشاريعهم إضافة إلى دورها في زيادة الادخار ونظرا لهذه الأهمية سنتطرق في هذا المبحث إلى نشأة الضريبة ومختلف التعارف و لمفاهيم الخاصة بها ، وكذا مجموعة المبادئ التي تحكم فرضها دون إغفال ذكر الأنواع واستعراض الخصائص مع التطرق أيضا إلى طرق تحصيلها وأهدافها .
المطلب الأول : نشأة الضريبة [ ]
لقد كان يعيش أفراد المجتمع قديما في شكل قبائل ، وكان يتم ذلك دون أن يستلزم نفقات عامة. لكن سرعان ما ظهرت الحاجة المشتركة بين الأفراد في القبيلة الواحدة و القبائل الأخرى كالحاجة إلى الأمن والدفاع و الغذاء وبالتالي استلزم على الزعيم ( رئيس القبيلة ) الاستعانة بالهبات والأموال والتبرعات ، و كان العمل التطوعي الفردي أو الجماعي .
إن تعدد حاجات الفرد و تنوعها أدى إلى ظهور ما يسمى بالحاجة العامة التي لا يمكن لأي فرد تحمل نفقتها لوحده . مما استلزم وجود مجلس القبيلة ، يقوم بتنظيم الحياة داخل القبيلة و تقسيم العمل من أجل توزيع النفقات بين جميع الأفراد، و مع توسع القبيلة و زيادة مهام مجلس القبيلة ظهر مفهوم الدولة كمنظم للحياة الاجتماعية و أصبح من الضروري للدولة تأمين الموارد اللازمة للمحافظة على الأمن و الدفاع عن ممتلكات الأفراد، مما أدى بها إلى فرض تكاليف إلزامية على الأفراد نظير ممارسة بعض المهن أو عبور بعض الجسور أو دخول بعض الأسواق .
ومع تزايد الحاجات المالية للدولة أدى بها إلى فرض ما يسمى بالضريبة غير المباشرة إلى الضرائب المباشرة، وتستند الدولة في ذلك إلى نظرية العقد الاجتماعي للمفكر الفرنسي(جون جاك روسو) و هو ينص على أن أفراد المجتمع يربط بينهم عقد اجتماعي و التالي على الكل أن يوفي بهذا العقد المبرم.
و عليه فإن كل شخص يدفع قيمة الضرائب المستحقة عليه كل حسب مقدرته لقاء الأمن والعدالة و الخدمات التي تقدمها الدولة و دورها في الحياة الاجتماعية و الاقتصادية .
إذ أصبحت من الوسائل المالية العامة التي تعتمد عليها الدولة في تمويل مشاريعها .
أما ظهور المفهوم الحديث للضريبة فكان أثناء الأزمة الاقتصادية سنة 1929 الذي أوجب تدخل الدولة و توزيع نشاطها بزيادة مميزاتها بحيث أصبحت الضريبة أداة فعالة في توجيه النشاط الاقتصادي ، ومن أهم مصادر الإيرادات العامة وكذا وسيلة فعالة للتحكم في مسار الاقتصاد الوطني و توجيهه بما يؤدي إلى إنعاشه و حسن أدائه.
المطلب الثاني : تعريف الضريبة و مبادئها
هناك العديد من التعاريف للضريبة وقد اختلفت هذه التعاريف باختلاف كتاب المالية العامة و المفكرون الاقتصاديون و باختلاف الزوايا التي ينظر إليها كما تجدر الإشارة إلى أنه عند فرض الضريبة يجب مراعاة مجموعة من المبادئ التي تتمثل في الأسس و القواعد التي يتعين على المشرع إتباعها عند وضع أسس نظام ضريبي في الدولة وهذا ما سنتطرق إليه .
1- تعريف الضريبة : في غياب تعريف تشريعي يمكن أن نعرف الضريبة على أنها "مساهمة نقدية تفرض على المكلفين بها حسب قدراتهم التساهمية و التي تقوم عن طريق السلطة ، بتحويل الأموال المحصلة و بشكل نهائي و دون مقابل محدد تحقيق الأهداف المحددة من طرف السلطة العمومية".[ ]
وتعرف كذلك بأنها " اقتطاع نقدي ذو سلطة ، نهائي دون مقابل منجز لفائدة الجماعات الإقليمية (الدولة وجماعاتها المحلية)أو لصالح الهيئات العمومية الإقليمية " [ ]
فالضريبة هي " فريضة مالية يدفعها الفرد جبرا إلى الدولة أو لإحدى الهيئات العامة دون أن يعود عليه نفع خاص مقابل دفع الضريبة ".[ ].
ويعرفها أساتذة الفكر المالي على أنها " فريضة نقدية تقتطعها الدولة ، أو من ينوب عنها من أشخاص القانون العام من أموال الأفراد جبرا وبصفة نهائية وبدون مقابل ، وتستخدمها لتغطية نفقاتها والوفاء بمقتضيات وأهداف السياسة المالية العامة للدولة ".[ ].
كما ينظر إليها على أنها "اقتطاع نقدي جبري نهائي يتحمله المكلف ويقوم بدفعه بلا مقابل لمقدرته على الدفع مساهمة منه في الأعباء العامة أو لتدخل الدولة لتحقيق أهداف معينة "[ ] ، وفي تعريف آخر لها فهي " مبلغ من المال تقوم بجبايته الدولة جبرا من الأفراد بهدف تحقيق الصالح العام دون أن يرتبط ذلك تحقيق نفع خاص لدافع الضريبة " [ ].
ويمكننا إعطاء التعريف العام للضريبة على النحو التالي :
" هي اقتطاع مبلغ من المال يلزم الأفراد بشكل إجباري دفعه للسلطات العامة بدون مقابل وفقا لقواعد مقررة من أجل تغطية أعباء الدولة و السلطات الجهوية "[ ].
2- مبادئ الضريبة : ويقصد بالمبادئ التي تحكم فرض الضريبة مجموعة من القواعد والأسس التي تعتبر بمثابة دستور عام ضمني يهتدي به . وتخضع له القاعدة القانونية للضريبة وهي قواعد ذات فائدة مزدوجة فهي تحقق مصلحة المكلف من جهة ومصلحة الخزينة العمومية من جهة أخرى ، فعلى الدولة احترام هذه القواعد وعدم الإخلال بها لأن الإخلال بها يعتبر تعسف الدولة في فرض الضرائب، ويعتبر الاقتصادي آدم سميث أول مجموعة متماسكة من القواعد في كتاب ثروة الأمم والتي لا تزال تحتل مكانا في علم المالية المعاصرة وهذه القواعد هي :